هدنة ثانية تكاد تنقضي، وثالثة تلوح في الأفق، لا شيء تغيّر على امتداد مسرح العمليات القتالية سوى توقف غارات التحالف ومضاعفة مليشيا الحوثي تحشيداتها لحرب أوسع وأعنف.
يحسبها المبعوثان الأممي والأمريكي إنجازاً لمساعيهما للسلام في اليمن، بينما يعيشها اليمنيون واقعاً مريراً مستمراً على مختلف الأصعدة الإنسانية والعسكرية والاقتصادية.
فعلى المستوى العسكري، لم تتوقف المليشيا الحوثية عن شن العمليات الهجومية، واستحداث المواقع، ومرابض المدفعية، والعيارات، وحشد التعزيزات إلى كافة الجبهات، منذ إعلان الهدنة في الثاني من أبريل الماضي.
وعلى المستوى الإنساني، لم توافق على فتح طريق واحد لفك الحصار عن سكان مدينة تعز، ولم تبادر لصرف مرتبات الموظفين من عائدات ميناء الحديدة كما نص عليه اتفاق الهدنة.
وقد شاهد العالم أجمع موقفها المتعنت حينما حضر وفدها لمشاورات فتح الطرقات بهيئة أمراء الحرب، وبينما كان العالم ينتظر منها موقفاً إنسانياً أعلنت عزمها فتح مقابر لا ممرات إنسانية لأبناء تعز.
وإمعاناً في إهانة الأمم المتحدة، واستهتاراً بجهود السلام، ضاعفت استهداف أحياء مدينة تعز المكتظّة بالسكان، محدثة كل يوم مجزرة، وكل ساعة مأتم وعويل.
هكذا إذاً كانت الهدنة الإنجاز بالمفهوم الأممي، والهشّة بمفهوم المجتمع الدولي، والنكبة المستمرة في واقع شعب سحقته آلة الحرب والإرهاب الحوثية وداعميها في طهران.
وفي حين تسعى الأمم المتحدة لهدنة ثالثة، تظل الحقيقة أنها لم ولن تغيّر شيئاً في الواقع بقدر ما تفاقم الأزمة وتضاعف معاناة الشعب، فتجارب اليمنيين مع الحوثية تثبت أن الواقع غير الأمنيات.