جرائم الابتزاز الالكتروني صورة من صور استغلال التقنيات التكنولوجيا والشبكة المعلوماتية
جرائم الابتزاز الالكتروني صورة من صور استغلال التقنيات التكنولوجيا والشبكة المعلوماتية
 
10/08/2024
الإعلام الأمني: 
 
نسلط الأضواء في طي هذه السطور حول جريمة الإبتزاز الإلكتروني و أبعادها وأساليب ووسائل الحماية والوقاية من الوقوع فريسة وضحية سهلة لشبكة الابتزاز وأخواتها من الجرائم العابرة للحدود وعناصرها الإجرامية، مستضيفين الخبير الأمني العقيد نجيب الصالحي ليطلعنا ويكشف لنا الكثير من الغموض وعلامات الاستفهام ويضع النقاط على الحروف بحكم خبرته وتخصصه ومجاله المهني في هذا الإطار. 
 
 س/ ما السمات الأساسية للجرائم الإلكترونية عموما و جريمة الابتزاز خصوصا؟ 
 
قضايا الابتزاز الالكترونية والجرائم  الإلكترونية صارت اليوم في طريقها إلى دائرة الخطورة  في إطار الظاهرة الاجرامية بشكل ملحوظ، ما كشف منها يؤكد ذلك وما خفي أعظم، ووفقا للتحقيقات في عدد من الجرائم من هذا النوع تتكشف طبيعة الجريمة متعددة الأطراف مترامية المساحة الجغرافي لمسرح الجريمة ،  وتجاوزها النطاق الوطني  و ازدواجية الأفعال الإجرامية وشبكة الجناة وتعدد الضحايا والأضرار المترتبة عنها  ، وصعوبة إجراءات الثبوتية وجمع الاستدلالات وإثبات الجرم بالأدلة والبراهين المدمغة وتتبع خيوط الجريمة ، مما يتطلب الكثير من جهود جمع الاستدلالات واجراءات الضبط ، ولن يتاتى ذلك إلا بالتنسيق والتعاون بين الأجهزة الامنية في نطاق تواجد أطراف وعناصر الجريمة مكانيا.   
إن رحلة سبر أغوار كشف جرائم الابتزاز الالكتروني شديدة الحساسية بالغة التعقيدات و محاطة بالكثير من الغموض وعلامات الاستفهام وعناصر التشويش وبواعث الحيرة  و تكتنفها المحاذير، والخصوصية تلفها في طيات دهاليزها.
ومن الصعوبة بمكان تتبع خيوطها وكشف أبعادها وعناصرها في متاهاتها  المظلمة ، والاصعب ما في الأمر  فك رموزها وترجمة شفراتها المتعددة والمتطورة .
س/ كم عدد القضايا ذات الطابع الإجرامي المنظم عبر الوطنية التي تم التعامل معها من قبلكم ؟
 
هناك الكثير من الجرائم ذات الطابع المنظمة عبر الوطنية التي تم التعامل معها ومعالجتها، أحيانا تتواصل خيوط الترابط واحياناً أخرى تكون غير واضحة المعالم والارتباط ، وتنقطع الخيوط في تتبع الشبكة وعناصرها خارج الحدود وذلك نظرا لوجود معوقات وتحديات وصعوبات  ، ومحاذير تتعلق بالخصوصية  ومحاذير انتهاك الحقوق والحريات ، ولطبيعة علاقات التعاون والتنسيق الأمني والاستخباراتي والدبلوماسي دور في تحقيق الأهداف وكشف تلك الجرائم وعناصرها  وضبطها. 
 
س/ ما أصناف وأنواع القضايا ذات الطابع الإجرامي المنظم عبر الحدود التي تعاملت معها ؟
 
-إن أبرز العمليات ذات الطابع الإجرامي التنظيمي او المنظمة  عبر الحدود هي قضايا ابتزاز والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة ، والتهكير  والقرصنة وتدمير قواعد بيانات والمعلومات،  والاختراقات للهواتف وأجهزة الحواسيب ، وتهريب سلع وأسلحة  ومخدرات وممنوعات أخرى، واستقطاب ونشر الأفكار المتطرفة والأعمال التخريبية، وتهريب والاتجار بالبشر والجنس ، عبر استخدام  روابط الاغراءات وعروض المنح المالية والمعنوية  والرحلات العلاجية والشعوذة والتجارة الالكترونية والتسويق المربح بصورة كبيرة، بالإضافة إلى برامج المسابقات والمساعدات العلاجية والمنح وفرص العمل  من قبل شركات ومنصات وهمية ومزيفة في الاستثمارات والعقارات ومشاريع أخرى واستغلال الوضع الوطني والإقليمي وسبل الاختفاء وسعة حجم الشبكات، بالإضافة إلى جرائم منصات التواصل الاجتماعي وتكوين علاقات اتصال لا أخلاقية وتبادل الصور المخلة وابتزاز الضحايا بها وطلب مبالغ مالية والتهديد بالنشر في حالة عدم الدفع ، واستخدام انظمة مالية وحسابات وايداعات مع استخدام سندات الإيداع في السحب من أماكن آخر وتتولد هنا مشاكل مالية ظاهرها وباطنها كثير من جرائم الابتزاز والاحتيال وغسيل أموال ، والتجارة الالكترونية ، وغيرها من متاهات وجرائم خارج الحدود  وعبر الوطنية.
 
س/ ما أبرز القضايا الأكثر تكرارا والتي رصدت في باب  الجريمة المنظمة عابرة الحدود الوطني؟
 
-الابتزاز الالكتروني  والنصب والاحتيال ، وخيانة الأمانة ، والتزييف والتزوير وقضايا غسيل الأموال وما يرتبط بها من جرائم المخدرات  والتهريب والاتجار بالسلاح، والسموم والأسمدة والاتجار بالبشر، وجرائم الإرهاب والتخريب،  وقضايا أخلاقية ، بالإضافة إلى تهريب  للآثار، والأدوية   والمشتقات النفطية، والقرصنة… 
س/ ما أبرز خصائص وصفات تلك القضايا ؟
 
-تتميز القضايا والجرائم المنظمة عبر الوطنية باستخدامها وسائل ووسائط الشبكات الاتصالية ومنصات التواصل الاجتماعي وترتبط بقضايا لا أخلاقية وتنطوي على الابتزاز ، والتعامل بأنظمة تموين وتمويل وتمويه بأنظمة الإيداع الشبكي متعدد الأطراف ، وتعد تلك القضايا غاية في التعقيد لاستخدامها وسائل لا أخلاقية لضمان توسيع شبكة عناصرها وضحاياها والتخفي خلفها  لصعوب واستحالة الابلاغ من قبل الضحايا  ، مع دقة استخدام قوائم اختيار الضحايا عبر المعلومات الشخصية للضحايا عبر صفحاتهم ، واستخدام وسائل التهكير والتصيد  بروابط  ومغريات تتوافق وميول الضحايا لاسقاطهم في شباكها ، ناهيك عن التستر والاختفاء خلف مبادئ حماية الخصوصية  وذرائع حماية الحقوق والحريات والخصوصية  من الانتهاك في حالة التحقيق وجمع الاستدلالات، وكذلك الاستفادة من الخلافات والصراعات في المنطقة والتخفي خلف طبيعة العلاقات بين الدول ، مع التخادم بين الجماعات الإجرامية في الجرائم المنظمة والتنظيمات والجماعات الإرهابية والتخريبية  والدول المشجعة، واستخدام غطاء وصيغ تجارية وتسويقية   ، ويلوذون بالدول والدول الداعمة لنشر الدمار وخلخلة الأنظمة والأمن والاستقرار العربي، مع صعوبة عملية كشف تلك الجرائم  وجمع الاستدلالات في ظل انتشار عناصر الجريمة  وأطرافها في أكثر من مكان خارج الحدود، واخيرا أستغلال تلك التنظيمات التباين القانوني  وآليات التعامل مع شتى تلك الجرائم وخاصة الالكترونية والمنظومة التشريعية في هذا الإطار.
وغير خفي على الجميع شمولية  وتنوع آثار وأضرار تلك الجرائم وارتفاع وتعدد ضحاياها  مع تشابه واختلاف الخصائص والسمات  من جريمة لأخرى، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التزييف العميق  ومعالجة الكثير من وسائل الابتزاز وإسقاط الضحايا في وحلها.  
 
س/ما الإجراءات المتبعة في التعامل مع تلك القضايا؟
 
-إن الإجراءات المتبعة في التعامل مع هذا النوع من الجرائم والتي معظمها حديثة العهد  هي الإجراءات المتبعة مع الجرائم الأخرى ،بالإضافة إلى الإجراءات الخاصة  بالتعامل مع  كل جريمة  من تنسيق وتعاون  مع عدد من الجهات والأجهزة الوطنية العامة والخاصة ،  ناهيك عن أهمية وضرورة مستوى التنسيق والتعاون الأمني والاستخباراتي وتبادل المعلومات على الصعيد الإقليمي والدولي على المستوى الكلي و المستوى الثنائي بين الدول، وكل ذلك في سبيل تتبع الخيوط وجمع الاستدلالات والتحري والتقصي للجريمة وإثباتها ونسبتها للجناة وضبطهم. 
 
س/ ما المميز في الإجراءات والتعامل مع مثل تلك القضايا ؟
 
-كما قلنا سابقا تتميز الإجراءات في التعامل مع هذا النوع من الجرائم بأنها تتطلب استخدام تقنيات وتكنولوجيا المعلومات ، بالإضافة إلى الدقة والحذر في التعامل لحساسية  التعارض و التعرض  والمساس في إجراءات  التعامل مع تلك الجرائم للحقوق والحريات والخصوصية، وكذلك مطلب السرعة والسرية والدقة  لحماية الأدلة من التلف والمحو، وحماية الضحايا من الجناة، وحماية سمعتهم وحقوقهم. 
 
س/وما الصعوبات التي واجهت عملكم في هذا الميدان  وتلك القضايا ؟
 
-تعقيد وغموض ملابسات تلك الجرائم ، مستوى التعاون  والإفصاح من قبل كثير من ضحايا  تلك الجرائم لكونها ذات حساسية  اجتماعية وخصوصية شديدة لذلك يفضل الكثير تحمل الأعباء والضغوط والدفع على مضض من جانب، والجهل بسبل الخروج من وسط وحل الابتزاز الإلكتروني ،ومن جانب آخر  الجهل في التعامل مع وسائط ومنصات التواصل الاجتماعي،  
وحماية البيانات والمعلومات والخصوصية ويتساقط الضحايا في حبائل تلك الجرائم.، وللخوف من العواقب وتلطيخ السمعة دور ولحداثة تلك الجرائم بعد ، ناهيك عن إمكانيات التلاعب وإخفاء الأدلة والتستر خلف كثير من الأعمال المزيفة.. 
 
س/ما النصائح التي توجهونها للمجتمع في سبيل الوقائية والحماية من الوقوع في مثل تلك الجرائم ؟
 
-التعامل مع  وسائل ووسائط التكنولوجيا وتقنيات المعلومات ومنصات التواصل والشبكات الاجتماعية والمعلوماتية بحذر ، وحماية الخصوصية وعدم تحميل وتداول المعلومات والبيانات ذات الأهمية والحساسية عبر الوسائط ،الاستعانة بالآخرين الموثوقين  في حماية محتوى وسائل التواصل عند عدم الخبرة ، والتعامل بحذر مع الروابط وخاصة ذات الاغراءات المادية المبالغ فيها من الناحية الربحية، وبرامج المسابقات  والمنح المالية والعلاجية والدراسية ، وعدم التعامل مع المواقع والروابط الغريبة والمريبة.
التعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطة في الإبلاغ عن تلك الجرائم والمشاركة في محاربتها ، بالنشر المعرفي و بالنأي عن مواطن الشكوك و الشبهات، وتقديم المعلومات حولها لحماية الآخرين من آثارها المدمرة ، ونشر الوعي بانواعها وكشف اساليبها ووسائلها ، وتعزيز ثقافة التعامل مع الوسائل والوسائط الحديثة ، وتوضيح ثغراتها وجرائمها …
التعاون مع المتخصصين بمكافحة الجرائم الالكترونية وعبر الشبكات وتزويدهم بالمعلومات اللازمة والإبلاغ عن تلك الجرائم التي يتعرضون لها مباشرة وتقديم أي معلومات  تحمي المجتمع وتسهل عمل الأجهزة الأمنية في هذا الباب.
 
كلمة أخيرة  
أهمية الاستخدام الرشيد للتقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصال والذكاء الاصطناعي وتجييرها ايجابيا في خدمة المجتمع فهي سلاح ذو حدين بحسب المعرفة  وسبل الاستخدام، و الموائمة بين المعرفة بهذه الوسائل ومخاطرها ومحاذيرها والاستخدام الأمثل لها نكون جيرناها ايجابيا لصالح المجتمع  في نفس الوقت حمينا المجتمع من شرورها،  فالمعرفة بمجال الإيجابي والسلبي نرشد الاستخدام بجدار وانظمة الحماية والرقابة على الأطفال وأصحاب مستويات المعرفة الضعيفة بهذه الوسائل  وتوعيتهم وإرشادهم وتوجيههم نحو سبل الحماية، وتحديد  المسموح والمحظور، ومشاركتهم في تحديد المحتوى المناسب ومعالجة المشاكل الخاصة بسرية المعلومات وحماية الخصوصية، وطرق التصرف مع المواضيع و الأشخاص الغرباء و المزعجين وأساليب حضرهم،  وأهمية الإبلاغ دون تردد أو خوف إلى الأسرة أو الجهات المعنية  ، بذلك نقطع الطريق أمام الاستغلال المنحرف والاجرامي  لوسائل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وخاصة جرائم الابتزاز الالكتروني،  مع منح الجميع حق الاستخدام والاستفادة من المجال الإيجابي الواسع وفي شتى مجالات الحياة بما فيها مجال محاربة الجريمة عموما   والجريمة المنظمة خصوصا.